(١)
إنّكَ ترى
وتشعر وتدرك. وتعرف أكثر ممّا ينبغي عليك أن تعرف. تعي فوق ما يريد القلب وفوق ما
يحتاج وأقل مما يمكّنه على الوقوف طويلاً. أنت هنا، تعتمد على قلبك وتقف على قلبك،
لأنك لا تملك سوى قلبك، رغم أنك لا تملكه بالفعل. لكن القلب يتعبه استنادك الطويل
عليه ويتأوّه، يبحث عن يقين ينقذه من كل هذا الازدحام. الازدحام المليء بكثرة
الوعي والإدراك، الازدحام الذي يتحول إلى فراغ رمادي، لكنه يُزاحم ويخنق صاحبه؛
القلب. - رغم أنه فراغ. رغم أنه ازدحام.. لا يدري أحد كيف يتشابه متضادّان هكذا.
(٢)
أقلّب أوراقاً لا تعنيني. أقلّب الوقت.
أقلّب الحديث داخل رأسي.. رأسي لا يبدو مُثقلاً، لكنها فكرة واحدة تبدو معطوبة.
أزيحها، بمجرد أن تنتقل أصابعي نحو الورقة التالية. فكرة أخرى تطرق البال، أنسى
الصفحات أمامي ولستُ متأكدة إن كنتُ أبتسم حينها. لكنها دائماً ما تسهو الابتسامة،
وتنسى أن توقيتها قد يبدو غريباً أحياناً. وقد يبدو غريباً في لحظة كهذه حجم العمق
الذي لا تدري، هل أنتَ تسقط فيه، أم أنك بالفعل ترقى إليه؟ كل هذا العمق مأزق،
لكنني رغم حجم المأزق أظل أختاره وأحبه. لأنني في كل مرة أتذكر المقولة "كل شيء
يتنكر بضدّه". فأعي كم أن هذا المأزق نجاة. كم أنه حياة، رغم أنه موت.
(٣)
