يحدُث أن أستيقظ في الصّباح، وأجد أحلامي مُبعثرة خارِجَ
حُدود استيعابي. يحدُث أن أعيش أحداث قِصةٍ ليسَت بقصّتي، تمامًا كالقصّة التي قرأتها
قبلَ أيّامٍ ولم أُنهيها فقط لأنني تنبّأتُ بنهايتها البائسة. يحدُث أن أُلاقي نفسَ
الشّخوص، ثم أستيقظ على نفسِ المُصادفات فأبتلِع ذاتَ الآمال والخيبات. يحدُث أن أعتنقَ
حُلماً لا يشبهُني، وأتمنى أُمنية باهِتة لا تعنيني.
ماذا يَعني أن تُعارِك حَديث قلبك، لأنكَ ماعُدتَ أنت، لأنكَ
بدأتَ تنتقل مِن رِوايةٍ إلى أخرى، ومن فصلٍ إلى آخر، حتى نسيتَ أيُّها هيَ قِصّتك،
وأيُّهُم هوَ أنت. إنّ القصص التي كنتَ تنبذها في الآخرين قد تنتقل إليكَ في ظرفِ لحظة،
قد تصبح أنتَ بطلها، وكل موقفٍ فيها سيدور حولك. ستُدافِع عن مُعتقداتٍ كنتَ تكرهها،
وستَرى سَذاجات الآخرينَ فيك. خطواتك التي كنتَ تتبعها تاهت مِنكَ سَلفاً. وزحامُ المَدينة،
الآن عالِقٌ بداخلِ رأسك. كلّ ما تفعلهُ الآن، أنك تبحث عنك في وجُوه الأصدقاء القُدامى.
في الأماكن التي كانت تُشبِه مِزاجاتك وطُمأنينة قلبك، في صمتك وفي حديث أمّك، في بُكائك
وتأمُّلاتك. وأنّكَ رغم كلِّ شيء، تُحاول فقط ألا تُعطّل أشيائكَ الجيّدة القليلة.
إنَّ ما تخشى حُدوثه، حتى حِرصك الزائد لا يَمنع حدوثهُ بالضّرورة.
قد تهبط عليك الابتلاءات واحداً تلو الآخر، قد تقتبس أمنياتٍ لا تمت لقلبك أيّ صلة،
فتَصير واقِعاً رديئاً. قد تخذل نفسكَ وتفتعِل سلوكاً يُناقِضُك، قد تنغمس في حكاية
تكسِّر فيكَ ألفَ أمنيةٍ وألفَ حُلم.. لِتُمسِك بقلبكَ بعدها وتظنّهُ رَثّاً لا يَصلُح
لشيء.
حِينها لا تقلق ..
اُنظُر
إلى وجهِك بالمرآة، لقد أصبحتَ أكثرَ نُضجاً. ستعرف جيداً مَن أنت، وماذا يُناسبك من
هذهِ الحياة. ستتعلم كيفَ تنظُر إلى السّماء، وكيف تملأ قلبك بالنّور الذي يهبط من
الأعلى. ستُدرِك أن خطاياك التي يستُرُها الكريم جلّ وعلا ما وُجِدَت إلّا لتزدادَ
تواضُعاً، وبلا توقُّف تُنَقّب عن طريق النور، والثبات عليه.