لا أرض تحتي تتمهل. أقدامي على غير العادة، على عجلة تمضي.
لا ليل يكفيني كي أتوقف. لا نهار يكفيني لكي أصل.

إني على طريق الكلام. ولم أصل يوماً.

أبحث عن عمق أكبر في روحي كي أستقر. فلا يبدو أليفاً أن تكون هنا.
لا يبدو جيداً أن تكون هنا.

أهرب بقلبي والكلفة كلها في قلبي. أضحك كثيراً على غير العادة.
أضحك وينحشر البكاء في ضحكتي. أبكي كثيراً على غير العادة.

أظن أنني أهرب ولكن..

يحشرني العالم في زاويته. ولست متأكدة من ذات العالم.
لست متأكدة من أرضي بعد.


لقد كنتُ أنا على انعكاس المرآة. أفتش عن عين الكون لأرى نفسي بها، لأرى صورتي من خلالها، بعدما عبرت من خلاليَ الأشياء وأخذت من روحي ما أخذت. لقد كنت أنا.. بهدوء الشعر المسترخي على أكتافي، المطمئن لصمته، أو لصمتي. لقد كنت أنا ببساطة. وكنت أرى ذكرى الحوادث تجري في عيوني. إنني أبحث عن الطبيعة، عن سجيّة الأشياء خارجي. عن سجية الأشياء داخلي. إني أفتش عن الأصل، عن بذرة الأمور، عن ولادتها وأسبابها.. إني أبحث عن أسباب ولادة الأشياء وولادتي.

لم أمنع رأسي يوماً من طرح الأسئلة الكبيرة والصغيرة. أرحب بها كالأصدقاء، وأعلم أنها دليلي نحو اليقين. الصوت داخلي يكرر مراراً: أريد الوعي وأريد اليقين. أراقب حكمة الله بلا توقف، وأبحث عنها في كل الأمكنة، في كل التفاصيل وكل الحيوات. إني أشعر بتدبير الله يفتح لي الأبواب المعنيّة ويغلق عني أبواباً أخرى كثيرة. في كل مرة يلمع الشعور داخلي، أغمض عيني وأمد يدي داخلي، أمد بصيرتي داخلي.. أرني اليقين يا الله.

في كل مرة أكرر " الله"، أعلم أنك داخلي. أعلم أنك في كل شيء. وأدري أن السّعة، كل السعة هي ذاتك العليا ومنها تأتي كل السعة. بحجم السعة داخلي أجد السعة داخل الأشياء وخارج كل شيء. السعة لكي أكون، السعة لكي أرتب خطوتي، السعة من أجل الفكرة أن تأتي، والسعة من أجل الشعور أن ينمو. أعطني المساحة يا رب لكي أقف، لكي أخطو خطوتي. أعطني الحكمة لكي أختار. وأعطني القوة لكي أتوقف.

لم أحمل همّ الوصول يوماً. كل وصول ينتظرني، وأنا في هذه الرحلة لا أبحث إلا عن الأصل وأسباب الأصل، وعن سجية الأشياء وعن الطبيعة. لستُ متأكدة كم يبدو لا مألوفاً هذا العمق في هذا العالم، لكن انتمائي لعالمي يعجبني. ويعجبني كم تبدو الأشياء داخلي قريبة هكذا. كم يبدو من السهل أن ألمس الشعور، أن أقبض على الفكرة، أن يكون سهلاً الوقوف بينهما.. بلا غرابة ولا أقنعة.